ارتفاع صاروخي في تكلفة التأمين على ديون مصر وسط مخاوف خفض الجنيه

ارتفاع صاروخي في تكلفة التأمين على ديون مصر وسط مخاوف خفض الجنيه

قبل أن تكمل مصر دورة شبه كاملة من الإصلاحات والتي كانت من المفترض أن تضعها على الطريق الصحيح لعودة الاستثمارات، تراجعت ثقة مستثمري السندات خلال شهرين فقط من إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

ويدلل على ذلك، وفقاً لتقرير موسّع لوكالة “بلومبرغ”، اطلعت عليه “الوادي نيوز.نت”، ارتفاع عقود مقايضات التخلف عن السداد للديون المصرية، بأسرع وتيرة في جميع أنحاء العالم بعد الإكوادور في الشهر الماضي وظهرت بوادر الضيق في سوق السندات مرة أخرى. وتظهر المشتقات مخاطر انخفاض آخر لقيمة العملة في المستقبل.

يأتي ذلك، بعدما بدأ الاقتصاد المصري البالغ حجمه 470 مليار دولار إيجاد موطئ قدم بعد اتفاقية صندوق النقد الدولي في ديسمبر من خلال التخلص جزئياً من تراكم الواردات وجذب تدفقات النقد الأجنبي.

لكن الشكوك حول تقدم مصر في متابعة مبيعات الأصول والتزامها بسعر صرف أكثر مرونة دفعت الهوامش على بعض سندات الحكومة طويلة الأجل إلى ما يقرب من 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية – والذي يمثل الحد الأدنى للديون التي يجب اعتبارها متعثرة، وفقاً لتقرير “الوكالة”.

وارتفعت تكلفة تأمين الديون المصرية ضد التخلف عن السداد إلى حوالي 1200 نقطة أساس، ارتفاعاً من أدنى مستوى في 9 أشهر عند 720 تم الوصول إليه في يناير.

ووفقاً للمحلل في شركة “Columbia Threadneedle” للاستثمارات في لندن، جوردون باورز، فإن مصر بحاجة إلى تسريع بيع الأصول واعتماد سعر صرف مرن خلال العامين المقبلين لسد فجوة التمويل الخارجي وتجنب التخلف عن السداد بصورة ملحّة.

وقال باورز: “إن عدم تنفيذ هذه الإصلاحات يزيد بشكل كبير من المخاطر متوسطة الأجل التي تتطلب شكلاً من أشكال تخفيف الديون”. نعتقد أن مخاطر التخلف عن السداد على المدى القريب محدودة؛ وغير مؤكده على المدى المتوسط”.

مسار العملة

ويقدّر صندوق النقد الدولي فجوة التمويل الخارجي في مصر بنحو 17 مليار دولار خلال البرنامج الذي يستمر 46 شهراً، ومن المتوقع أن تفتح الصفقة نحو 14 مليار دولار إضافية من شركاء دوليين وإقليميين.

وقبل المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي البالغ حجمه 3 مليارات دولار والمقرر إجراؤه هذا الشهر، تشير سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم إلى انزلاق أعمق في الجنيه المصري. وانخفض سعر المشتقات المالية لمدة شهر على العملة بنحو 4% منذ نهاية فبراير إلى 32.7 جنيه للدولار، في حين أن العقد لمدة 12 شهراً عند حوالي 38 جنيه للدولار.

وفقد الجنيه ما يقرب من نصف قيمته بعد 3 تخفيضات في العام الماضي وتم تداوله بالقرب من 30.9 مقابل الدولار يوم الخميس في السوق الرسمي.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي في “بنك أوف أميركا”، جان ميشيل صليبا، في تقرير إن “الوضع الراهن لمصر هش” وأي تراجع في الإصلاحات المرتبطة بخطة إنقاذ صندوق النقد الدولي من المرجح أن يزيد من مخاطر الائتمان – حتى لو لم تكن إعادة هيكلة الديون وشيكة”.

مبيعات الأصول

وقال باورز إن النقطة المحورية التالية للسندات المصرية ستتمحور حول مبيعات الأصول وأي تأخير هناك من المقرر أن يعمق الأزمة ويلقي بظلال من الشك على رغبة السلطات في تنفيذ الإصلاحات.

وأفادت وكالة “بلومبرغ”، بأن دول الخليج تنتظر المزيد من اليقين بشأن الجنيه وإثبات أن مصر تفي بالتزاماتها لإصلاح الاقتصاد قبل الوفاء بوعودها بتقديم مليارات الدولارات في شكل استثمارات مهمة.

تراجع الجنيه

كما أدى تذبذب الاحتياطي الفيدرالي الأخير نحو التشديد النقدي إلى تقليل الشهية للمصدرين الأكثر خطورة في العالم الناشئ، وكانت السندات المصرية من بين الأكثر تضرراً في الشهر الماضي. ومن شأن أسعار الفائدة المرتفعة أن تجعل من الصعب على الماليات الهشة عالمياً إعادة تمويل ديونها في المستقبل.

أخطار التخلف عن السداد

فيما، قال كبير مسؤولي الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للدخل الثابت في شركة فرانكلين تمبلتون، محيي الدين قرنفل: “يشعر السوق أن التقدم في التزامات صندوق النقد الدولي ليس على نفس القدر الذي يجب أن يكون عليه”. وأضاف “في الأسواق الضعيفة، تعاني الديون الضعيفة أكثر”.

وجمعت مصر 1.5 مليار دولار الشهر الماضي من خلال بيع أول أداة دين إسلامي. وارتفع العائد على الصكوك لأجل 3 سنوات إلى 11.9%، والتي تم تسعيرها في الأساس عند 11%، أي أعلى بحوالي 400 نقطة أساس من ديون تركيا ذات الاستحقاق المماثل، التي لها نفس التصنيف الائتماني.

كما أن “الفارق السعري الصفري” أو ما يعرف بـ “Z-Spread”، على السندات الدولارية المصرية المستحقة في 2047 و2049 و2050 و2051 تجاوز 1000 نقطة أساس. وهو مؤشر يقيس التعويض الإضافي الذي سيحصل عليه المستثمر على منحنى سعر الخزانة في السوق الحاضر على مدى أجل السند بأكمله.

ولدى مصر حوالي 74 مليار دولار من أصل مدفوعات السندات الدولية والفوائد المستحقة حتى عام 2061، وفقاً للبيانات التي جمعتها “بلومبرغ”. وتنفق الحكومة ما يقرب من نصف إيراداتها على دفع الفوائد.

وقال كارلوس دي سوزا، من “فونتوبيل أسيت مانجمنت”، والتي لديها انكشاف على الديون المصرية: “ربما في غضون 5 إلى 10 سنوات، قد تكون هناك مخاوف بشأن إعادة الهيكلة، ولكن ليس لأفق استثمار قصير أو متوسط الأجل”. وأضاف “إنهم بحاجة إلى أن يثبتوا للسوق أن عملية الخصخصة ستحدث فعلياً بطريقة مهمة من الناحية الاقتصادية الكلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى